وسم – تسيطر مرحلة التعادل في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي للعام الثاني على التوالي دون قدرة ظاهرة "اللانينيا" على التطور بنجاح ويعود سبب ذلك لعوامل مناخية معقدة تتعلق بالدرجة الأولى بتذبذب الرياح التجارية، واضطراب الدوامة القطبية الجنوبية " SAM" مما يؤدي لتطور ظاهرة "النينيو المودوكي" بدءا من نهاية الخريف وخلال بداية ومنتصف عام 2026.

ظاهرة النينيو المودوكي هي ظاهرة مناخية "خطرة" تؤدي لارتفاع حرارة منطقة 4.0 الغربية من المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير مقارنة مع باقي مناطق المحيط الهادئ الاستوائي، وهي تؤثر تأثيرا شديدا على القوالب الجوية في شمال المحيط الهادئ وتلعب دورا كبيرا في تغير شدة التيار النفاث القطبي والدوامة القطبية.

الخمول ما زال يسيطر على منطقة المحيط الهادئ الاستوائي


فشل تطور ظاهرة اللانينيا خلال العام السابق أدى إلى دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي وتباين الموسم المطري في المنطقة العربية، حيث سجلت نطاقات واسعة من جنوب وشرق الأردن وأجزاء من وسطها وغرب ووسط السعودية وشمال شرقها ووسط وغرب العراق كميات أمطار كبيرة خلال موسم 2024-2025، فيما عانت سوريا ولبنان وشمال الأردن وفلسطين وشرق السعودية وجنوبها من معدلات أمطار منخفضة.

هذا التباين الكبير في معدلات الأمطار كان يعود لضعف "غير اعتيادي" للتيار النفاث شبه الاستوائي فوق شرق المتوسط مما أدى إلى تشكل منخفضات جوية جنوب قبرصية أو مصرية ( وهي تطابق دراسات مركزنا) مما ركز الأمطار في الأجزاء الجنوبية من بلاد الشام وغرب وشمال السعودية وشمال شرقها.

ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي فوق شرق المتوسط ظاهرة مناخية "خطرة" بدأت تظهر بوضوح منذ عام 2013 والتي أدت إلى ارتفاع كبير على كميات الأمطار في جنوب بلاد الشام والأردن وفلسطين والسعودية ليتجاوز الارتفاع 60% حيث تم تسجيل 9 مواسم مطرية قوية من ضمن 12 موسم مطري سابق.


وبالرغم من ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي كثيرا في منطقة شرق المتوسط وأقصى غرب المتوسط وشرق الأطلسي، إلا ان التيار النفاث القطبي ما زال قويا والذي ما زال يضعف وصول الهواء القطبي نحو المنطقة مما يعكس على طبيعة حالات جوية نوعية في المنطقة.

الخمول والتعادل في المحيط الهادئ الاستوائي يستمر للعام الثاني|
أن حرارة المحيطات المرتفعة وسيطرة موجات الحر البحرية وتذبذب حركة الرياح التجارية في المنطقة الاستوائية وتكدس المياه الساخنة شبه السطحية والعميقة في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي ما زالت تعيق تطور ظاهرة اللانينيا، مما يؤدي لأثر كبير على دورانية الغلاف الجوي.

هذا الفشل في تطور ظاهرة اللانينيا تزامن مع بداية بطيئة لتطور "لانينيا الأطلسي" المسؤولة بالدرجة الأولى على تبريد منطقة الأطلسي وتموج التيار النفاث القطبي لاحقا ودفء القارة الأوروبية وبرودة مناطق البحر المتوسط في وقت لاحق مما قد يعرض مناطق شرق وأجزاء من وسط المتوسط لعواصف قوية خلال النصف الثاني من الموسم المطري المقبل.

الرياح التجارية ما زالت تسجل تذبذب حاد في قيمها


ومع توقع بداية ارتفاع الحرارة في الجزء الغربي من المحيط الهادئ بسبب انخفاض حرارة المنطقة الشرقية من المحيط الهندي الاستوائي مع نهاية الخريف، فهناك توقع "كبير" بارتفاع حرارة المنطقة الغربية من النينيو 4.0 مؤدية لنواة ظاهرة النينيو المودوكي، وهي الأكثر خطورة على دورانية الغلاف الجوي وخاصة خلال عام 2026، والتي قد تلعب دورا كبيرا في حرارة منطقة شمال شرق المحيط الهادئ، مؤديا لضعف شديد للتيار النفاث القطبي وتموجه "الكبير" وربما يكون الأكبر من سنوات طويلة.

إن ارتفاع معدل الموجات الحارة في القارة الأوروبية وتراجعها الكبير في شرق المتوسط يعود لتغير حركة التيارات النفاثة، فالتغيرات المناخية المقبلة " عالية الخطورة" والتي ستكون على شكل حالات جوية شديدة المطر في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الأردن وفلسطين ومصر والعراق وغرب السعودية وشمالها وشمال شرقها ووصولا إلى الكويت، مع تأثيرات غير منتظمة نحو جنوب شرق الجزيرة العربية والإمارات وعمان.

لذا ننصح بالانتباه من التقارير غير العلمية أو الدراسات المقتبسة من الخارج والتي تركز على الظروف المحلية في أوروبا وليس في منطقة الشرق الأوسط، فتلك الدراسات العلمية والدقيقة مخصصة للمناطق الأوروبية ولا يجوز اقتباسها وتطبيقها على مناطقنا العربية لأن مناطقنا تتميز بمناخ مختلف تماما عن أوروبا.

وسيصدر مركز وسم الإقليمي تقارير مفصلة حول ظاهرة النينيو المودوكي وتوقعات الموسم المطري المقبل عبر استخدام نموذجنا المناخي وفيديوهات مبسطة لشرح هذه الظواهر وبشكل علمي دقيق.

تكدس كبير للمياه الدافئة غرب المحيط الهادئ