وسم – يتابع مركز وسم الإقليمي باستمرار معطيات مناخية جديدة ترفع "كثيرا" من احتمالية السيول والفيضانات في المنطقة، حيث تم تسجيل ارتفاع فرص حدوث السيول في منطقة الجزيرة العربية والأردن ودول الخليج العربي بحدود 250-400% مقارنة مع الفترة التي تسبق عام 2010 وذلك نتيجة التغيرات المناخية.

وبسبب اشتداد هذه التغيرات وتزامنها مع عوامل مناخية أكثر تطرفا، عملت على انحراف وتغيير مسار التيار النفاث شبه الاستوائي المسؤول عن جلب الحالات الجوية المتطرفة نحو المنطقة، يتوقع أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع فرص السيول والفيضانات في المشرق العربي ومن ضمنها الأردن وفلسطين ومصر وغرب وشمال السعودية والكويت وأجزاء من وسط وجنوب العراق وكذلك منطقة جنوب الخليج العربي إلى الضعف خلال 5 الأعوام المقبلة مقارنة مع الفترة من 2010 إلى 2025 على أقل تقدير.

وسجلت تلك المناطق ارتفاعا كبير على معدلات الأمطار منذ 12 عام تجاوز 60% عن المعدلات الموسمية، وتم تسجيل 9 مواسم مطرية قوية من ضمن 12 موسم مطري سابق نتيجة هذه التغيرات المناخية القوية.

صورة لفيضانات منطقة الأزرق في صيف 2023 والتي كانت غير مسبوقة مناخيا


تزايد فرص السيول إلى أكثر من الضغف|
ونتيجة لهذه التغيرات والعوامل المناخية، فإن التوقعات المبنية على أساس إحصائي مستمد من النموذج المناخي الخاص بمركز وسم الإقليمي المتخصص لتوقعات الأقصى مدى بشكل عام ( والتي تتجاوز 5 سنوات) ، لوحظ أن احتمالية السيول والفيضانات في المنطقة ستتجاوز الضعف مقارنة مع الفترة 2010-2025، وتلك الفترة سجلت زيادة في معدلات السيول بحدود 400% مقارنة مع الفترة التي تسبق عام 2010.

إن النظر في هذه الأرقام الكبيرة والخطرة ناتج من عدة عوامل مناخية معقدة تزامنت بشكل نادر والتي بدأت من حرارة شمال المحيط الهادئ المتطرفة والتي سجلت تباينا هو الأقوى في السجلات المناخية منذ عام 1880، وكذلك سخونة البحر المتوسط غير المسبوقة، والمتزامنة بشكل نادر مع انخفاض حرارة المنطقة الاستوائية للمحيط الأطلسي.

تسبب ذلك بتغير وانحراف مفاجئ لحركة التيار النفاث شبه الاستوائي، ليصبح ضعيفا ومنقسما فوق منطقة شرق الأطلسي، وأدى ذلك إلى اندفاع الموجات الحارة بسهولة نحو أوروبا لتسجل الصيف الأسوأ لها على الإطلاق هذا العام والذي تسبب بالاف الوفيات.

تزايد معدلات الأمطار تجاوز 60% في مشرق الوطن العربي، يقابله تراجعها الشديد في غرب أوروبا


هذا التيار النفاث الضعيف بدأ يسمح لعملية انتقال وتبادل حراري بين العروض العليا والمتوسطة في المنطقة، مما يؤدي لاندفاع التيارات الباردة عبر الطبقات العليا من الجو نحو البحر المتوسط ووصولا إلى الجزيرة العربية، والتقائه بكتل هوائية أدفأ من المعتاد سطحيا ومحملة بكميات عالية من بخار الماء نتيجة سخونة البحر المتوسط ومنطقة بحر العرب والمسطحات المائية المجاورة مؤدية لارتفاع فرص حدوث الفيضانات والسيول القوية المفاجئة.

أدى هذا التغير في مسار التيار النفاث شبه الاستوائي إلى هطول الأمطار الغزيرة في غير موعدها، والتي تضاعفت كثيرا منذ عام 2018، حيث سجل صيف 2023 الأمطار الأكثر غزارة تاريخيا في الأردن وشرق المتوسط والذي تسبب بموجة من السيول والفيضانات التي أدت إلى فيضان السدود والأودية بشكل غير مسبوق، وتكررت هذه الأمطار في عز صيف 2025 نتيجة تعمق موجة استوائية تزامنت مع تيار شبه استوائي ضعيف في شرق المتوسط.

إن هذه الظروف الجوية غير المسبوقة هي مؤشرا خطرا لتغير طبيعة التيار النفاث شبه الاستوائي في المنطقة والذي بدأ يسلك سلوك غير اعتيادي خلال آخر 12 عام، ويتوقع أن يزداد تطرفا خلال 5 الأعوام المقبلة.

التيار النفاث شبه الاستواي يسجل ضعفا متواصلا ولكن ما زال يقابله تيارا قطبيا قويا في عام 2024، التغيرات المتوقعة هو في تراجع متوقع على التيار النفاث القطبي مما يزيد من تطرف دورانية الغلاف الجوي


مسار غير طبيعي للمنخفضات الجوية القبرصة|
إن تغير سلوك التيار النفاث أدى إلى مسار غير طبيعي للمنخفضات الجوية القبرصية التي أصبحت تتمركز نحو الجنوب من قبرص أكثر من المعتاد مؤديا لتزايد موجات الجفاف في شمال العراق وسوريا ( شمال بلاد الشام) ، وأدى ذلك إلى دفع الغربيات الممطرة بغزارة نحو الأردن وفسطين ( جنوب بلاد الشام) .

أدى ذلك أيضا إلى نشاط الجبهات الممطرة بغزارة نحو غرب السعودية ومنطقة مكة المكرمة وجدة وشمال وغرب السعودية وجنوب العراق خلال آخر 12 عام، والذي عمل ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي على رفع الفعالية الجوية.

هذا السلوك للمنخفضات القبرصية سيتغير خلال الأعوام المقبلة مرة أخرى، والسبب يعود إلى توقع ضعف التيار النفاث القطبي للمرة الأولى منذ سنوات، هذا التراجع في شدة التيار النفاث القطبي سيؤدي إلى اندفاع الرياح القطبية بسهولة أكثر مقارنة مع السنوات السابقة مؤديا لتعمق هذه المنخفضات الجوية بشكل أكبر وتحسن المواسم المطرية في شمال سوريا والعراق وتركيا.

ضعف التيار النفاث القطبي المتوقع سيرفع كثيرا من احتمالية السيول خلال 5 الأعوام المقبلة في المنطقة وخاصة في النصف الشمالي والغربي من الجزيرة العربية، وكذلك في الجزء الجنوبي الشرقي منها أحيانا، كما سيزيد من فرصة الحالات الثلجية خلال 5 الأعوام المقبلة خاصة النصف الشمالي من بلاد الشام، وأيضا سيزيد من فرصة موجات الدفء الشديدة في فصل الشتاء.

ضعف التيار النفاث يزيد من تموج دوارنية الغلاف الجوي وتطرف الحالات الجوية والاختلاف الحراري الكبير، وبالرغم من تراجع عدد الموجات الحارة في منطقة شرق المتوسط خلال آخر 5 أعوام وزيادة عدد الأيام المعتدلة صيفا، إلا أن فرصة الموجات الحارة الحادة جدا والقصيرة ارتفعت نتيجة هذه الدورانية للغلاف الجوي.

سيطرة المرتفعات الجوية على القارة الأوروبية أصبحت سمة رئيسية للأنظمة الجوية خلال الأعوام الأخيرة ونتيجة للتغيرات المناخية الناتجة من ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي.


ضعف التيار النفاث|
إن ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي ظاهرة مناخية خطرة ظهرت منذ 12-15 عام تقريبا في المنطقة والتي رفعت كثيرا من حالات السيول والفيضانات في مشرق الوطن العربي والتي شملت الأردن والسعودية والكويت والجزيرة العربية.

ونتيجة لتوقع ضعف التيار النفاث القطبي خلال 5 الأعوام المقبلة للمرة الأولى من سنوات، سيؤدي ذلك إلى دورانية متطرفة جدا للغلاف الجوي، مؤديا لارتفاع فرص حدوث العواصف بشكل عالمي وليس فقط محلي.

ضعف التيار النفاث القطبي يزيد من احتمالية التبادل الحراري الكبير بين القطب الشمالي والمنطقة الاستوائية، مؤديا لتنشيط ظاهرة عدم الاستقرار الجوي الباروكلينيكي وارتفاع فرص حدوث العواصف الشتوية خاصة العروض الوسطى.

موجات حر شديدة خلال النصف الأول من صيف 2025 وغير اعتيادية تضرب غرب القارة الأوروبية وأرقام قياسية حقيقية وليس مجرد ترندات، هذه الموجات الحارة تسببت بالاف الوفيات في القارة الأوروبية.


تزامن ذلك مع ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي وسخونة المسطحات المائية، سيؤدي إلى مواسم مطرية أكثر تطرفا، تزيد بها موجات الجفاف والانقطاع المطري وكذلك ترفع من احتمالية حدوث عواصف شتوية شديدة بين الحين والآخر تؤدي لحالات سيول واسعة في المنطقة وأكثر خطرا.

المخلص من التقرير|
ويعتبر هذا التقرير مختصرا حول التغيرات المناخية دون الخوض في التفاصيل العلمية الدقيقة حول العوامل المناخية المعقدة، وسيتم إصدار المزيد من التفاصيل عبر تقارير أخرى مزودة بفيديوهات مبسطة تسهّل من الفهم حول خطر هذه التغيرات المناخية، وهذه النتائج المتوقعة خلال 5 الأعوام المقبلة|

- ارتفاع إضافي على معدلات الأمطار بحدود 5-20% إضافية أو أكثر من ذلك في مشرق الوطن العربي تشمل الأردن وفلسطين والسعودية والكويت وجنوب الخليج العربي وجنوب ووسط العراق.
- تراجع موجات الجفاف في شمال بلاد الشام وشمال العراق وشرق تركيا.
- ارتفاع فرصة حدوث انقطاعات مطرية وموجات دفء حادة شتوية خلال المواسم المطرية.
- ارتفاع فرصة العواصف الشتوية المحملة بكميات أمطار كبيرة جدا التي قد تعادل موسم مطري كامل.
- ارتفاع فرص الفيضانات والسيول في منطقة مشرق الوطن العربي بحدود 200%.
- معدلات جفاف متزايدة في أجزاء واسعة من منطقة المغرب العربي وخاصة شمال الجزائر.
- تراجع عدد الموجات الحارة في فترات الصيف في منطقة شرق المتوسط وزيادة في حدتها إن حصلت.
- ارتفاع فرص الأمطار الصيفية غير الموسمية في المنطقة العربية وخاصة مصر والأردن وفلسطين.
- ارتفاع فرص حدوث العواصف الثلجية خاصة في شمال بلاد الشام وأجزاء من شمال السعودية والعراق وشرق الأردن.

تزايد المياه الباردة في المنطقة الأطلسية الاستوائية تعتبر عامل مناخي خطر يؤثر على الميحط الأطلسي الاستوائي


وتعتبر التغيرات المناخية مختلفة من منطقة لأخرى عالميا، فالتغيرات المناخية في أوروبا تختلف طبيعتها عن المنطقة العربية وذلك نتيجة اختلاف المناخات، فعلى سبيل المثال، تراجعت معدلات الأمطار وارتفعت الحرارة كثيرا في غرب أوروبا خلال آخر 12 عام يقابله العكس في الأردن وفلسطين والجزيرة العربية، حيث ارتفعت معدلات الأمطار إلى أكثر من 60% وتراجعت الموجات الحارة خلال آخر 5 أعوام.

فالتغيرات المناخية لا يمكن أن تكون متطابقة هنا وهناك، واقتباس الدراسات الغربية وتطبيقها غير العلمي على المنطقة العربية يعرض المنطقة لخسائر كبيرة من هذه التغيرات المناخية الخطرة.

إن تحسين البنية التحتية في المنطقة العربية هو الطرقة الأفضل لمواجهة هذه التغيرات المناخية التي لا نستطيع إيقافها، فجزء كبير من هذه التغيرات المناخية تحدث لأسباب طبيعية تتعلق بدورانية الغلاف الجوي والعوامل المحيطة به.

* هذا التقرير يدرس متغيرات مناخية متشابكة ومعقدة، حدوث ظواهر جيولوجية حادة أو عوامل كونية خارجية تؤدي لتغيير النتائج.