وسم- ارتفعت درجات الحرارة لمنطقة البحر المتوسط وخاصة الجزء الغربي والأوسط إلى أرقام قياسية غير اعتيادية مقارنة مع هذا الوقت تجاوز 5 درجات مئوية عن المعدلات الموسمية، وبالرغم أن هذا الارتفاع يزيد من الطاقة الكامنة العظيمة في الإقليم فإن ذلك لا يعني زيادة عدد العواصف في الإقليم حتى لو كانت أكثر قوة إن حصلت، بل زيادة عدد الموجات الحارة والجافة وانحباس الأمطار في إقليم غرب البحر المتوسط.
ويعود سبب ذلك إلى دورانية الغلاف الجوي واستجابته لعوامل مناخية كثيرة ومعقدة وخاصة في المناطق الاستوائية للمحيطات التي تلعب دورا كبيرا جدا في مسار التيارات النفاثة في الطبقات العليا من الجو وتأثيرها على الظروف الجوية.
وقد تسبب سخونة البحر المتوسط المتزايدة في الجزء الغربي منه فترات استقرار طويلة أو فترات جافة متعاقبة على إقليم غرب البحر المتوسط وتراجع عدد المنخفضات الجوية أو العواصف الشتوية خلال المواسم المطرية.

حرارة غرب المتوسط العالية تنذر بموجات جفاف طويلة|
وتعاني مناطق غرب البحر المتوسط ووسطها منذ 10 سنوات بدرجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية وتعاظمت خلال آخر 5 أعوام مع زيادة عدد الموجات الحارة البحرية والمحيطية لأسباب تتعلق بشكل رئيسي في الدورانية المائية للمحيطات وارتفاع درجات الحرارة عالميا.
ولوحظ زيادة عدد الموجات الجافة ومواسم الجفاف في تلك المناطق وانخفاض عدد العواصف الشتوية بشكل كبير وملموس وهو عكس ما يحدث في إقليم شرق البحر المتوسط، كما لوحظ اشتداد الموجات الحارة كثيرا في مناطق غرب البحر المتوسط ومناطق غرب أوروبا، حيث تسببت سخونة المياه بالتأثير المباشر على قيم الضغط الجوي السطحي وإضعاف المرتفع الجوي الموسمي الصيفي فوق غرب البحر المتوسط، مما زاد من سهولة اندفاع الموجات الحارة نحو أوروبا منذ عام 2010 كما يلاحظ في الخريطة المرفقة.

تأثير كبير على مسار التيار النفاث|
ويلاحظ عبر دراسة الخرائط المخصصة ضعف حاد للتيار النفاث شبه الاستوائي بين 300 و200 ملليبار ( طبقات عليا من الجو) ، وذلك لتأثير كبير من منطقة المحيط الأطلسي.
إن برودة المنطقة الاستوائية للمحيط الأطلسي ستعزز كثيرا من ضعف هذا التيار خلال الفترة المقبلة مما سيزيد من فرصة الظروف الجوية شديدة التطرف في مناطق وسط وشرق البحر المتوسط وكذلك غرب المغرب العربي وأسبانيا خلال السنوات المقبلة وظهور عواصف حادة شديدة ولكنها متباعدة في إقليم جنوب غرب المتوسط.
ضعف التيار النفاث في تلك المناطق يزيد من سهولة تدفق الرياح الحارة والساخنة نحو أوروبا الغربية وتزايد عدد الموجات الحارة، وليس ذلك فقط، بل هذا الضعف في التيار النفاث تسبب في انقسام هذا التيار نحو غرب أوروبا والمساهمة في دفع الهواء الحار بشكل متكرر نحو أجزاء من شرق بريطانيا على شكل موجات حارة أو فترات استقرار طويلة وجافة.
وبسبب نتائج أخرى حادة ظهرت على الدورانية القطبية ( أصبحت قوية وشديدة نتيجة اشتداد التيار النفاث القطبي) نتيجة و تغيرات شديدة على حرارة شمال منطقة المحيط الهادئ.

نتج من هذه العوامل اشتداد التيار النفاث فوق جنوب شرق بريطانيا وشمال غرب أوروبا، مما زاد من قوة العواصف الأطلسية المندفعة والمساهمة أكثر في تعزيز دفع الهواء الساخن نحو القارة الأوروبية وتراجع عدد المنخفضات الجوية في غرب البحر المتوسط وزيادة حدة الموجات الجافة الطويلة، ولا ننسى حرارة شمال المحيط الأطلسي المرتفعة والتي تزيد من قوة هذه العواصف جنبا بجنب ضعف التيار النفاث في إقليم غرب البحر المتوسط.
التوقعات المستقبلية|
وبناء على هذه المعطيات حول حرارة غرب البحر المتوسط الشديدة والمرتبطة بالعوامل المناخية، فإن ذلك سيزيد من هذه العوامل الجوية|
- موجات حارة قوية وحادة وأكثر استمرارية نحو غرب ووسط أوروبا صيفا.
- فترات جفاف طويلة (قد تمتد لأشهر) في مناطق وسط أوروبا و غرب البحر المتوسط وتصل أحيانا نحو وسطه.
- فترات ممطرة غزيرة وطويلة نحو شرق البحر المتوسط وخاصة الجزء الجنوبي الشرقي منه وإقليم الجزيرة العربية خلال الموسم المطري الممتد من سبتمبر حتى مايو.
- عواصف مطرية قوية خلال بداية ومنتصف الموسم المطري في مناطق غرب وشمال السعودية وسواحل البحر الأحمر.

- ارتفاع فرصة الحالات الممطرة غير الموسمية في إقليم الجزيرة العربية وشرق البحر المتوسط ومصر خاصة خلال بدايات الصيف ونهاياته.
- عواصف أطلسية شديدة نحو بريطانيا وشمال غرب ألمانيا وشمال أوروبا وحتى غرب فرنسا.
- عواصف شديدة على أجزاء واسعة من أسبانيا ولكنها متباعدة جدا تتخلل فترات جافة طويلة.
وسيصدر مركز وسم الإقليمي المزيد من التقارير المفصلة لكل عامل مناخي على حدة وارتباطه بالعوامل المناخية الأخرى، علما أن سخونة المسطحات المائية لا تعني بالضرورة عواصف أكثر تكرارا أو أكثر قوة، بل قد تنذر بفترات جافة طويلة وحارة في المناطق المتأثرة بسبب سلوك الغلاف الجوي مع هذه العوامل المناخية.
